جنون انثى المدير العام
عدد المساهمات : 217 تاريخ التسجيل : 14/08/2009
| موضوع: ورقة في منهج التدارس لكتاب الله في المنتدى. الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 7:38 pm | |
| ورقة في منهج التدارس لكتاب الله بالمنتدى
الحمد لله الذي نزَّل الفرقانَ على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وأرسل رسوله - صلى الله عليه وسلم – بالْهُدَى كافةً للناس بشيراً ونذيراً، وجعله في سماء البشرية كوكباً دُرِّيـًّا وسراجاً منيراً. أما بعد؛ فيسرني أن أضع بين يدي الإخوة الكرام - أعضاء منتدى "مجالس القرآن" - مقدمة في بيان المنهج المقترح، لعرض ورقات التدارس لكتاب الله، مما سنعرضه للمدارسة - إن شاء الله – بمجالس هذا المنتدى. وهي ورقة يحسن قراءتها قبل البدء في إدراج المشاركات؛ لما نرجو أن يكون لها من أهمية في توحيد منهج المدارسة. وبيان ذلك هو كما يلي: - أولا: تقديم وذلك بتقديم السورة المقصودة بالمدارسة تقديما كليا، يلخص قضيتها، ويعرف بشخصيتها. - ثانيا: المجالس حيث يتم تقسيم السورة إلى مجموعة من "المجالس" مرقمة بشكل ترتيبي. وجعل كل "مجلس" مقتصراً على مجموعة من الآيات، مما يشكل وحدة متكاملة في ذاته من جهة؛ ومما يمكن استيعاب رسالاته في مجلس واحد من جهة أخرى، أي مما تطيق الفطرة البشرية تلقيه من الرسالات القرآنية والحقائق الإيمانية تخلقا وتحققا في مجلس واحد! على نحو ما كان ينـزل من الآيات مُنَجَّماً - في عهد الرسالة - على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك فستكون أغلب المجالس تتمحور مدارساتها على نحو خمس آيات أو سبع، أو ما يقارب هذه أو تلك. وربما اقتصر المجلس على مدارسة آية واحدة فقط! إذا تبين لنا أنها تحمل من الرسالات ما يستلزم وقتا أطول لتلقي حقائقه الإيمانية! وذلك على حسب ما مَنَّ الله به من تلقي رسالاتها المنهاجية كَمّاً وكَيْفاً. - ثالثا: كلمات الابتلاء وقد سمينا مجموع الآيات التي هي موضوع الدرس: "كلمات الابتلاء"؛ باعتبار أن القرآن الكريم كلام الله، وأن آياته من "كلماته" جل علاه، بما لهذا اللفظ في القرآن من عمق دلالي يرتبط بمعاني السَّعة والشمول من جهة، كما هو واضح من مثل قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ!)(لقمان:27). وقوله سبحانه: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا!)(الكهف:109). ثم بما لعبارة "الكلمات" – من جهة أخرى - من ارتباط بحقائق الابتلاء للإنسان المتلقي لها! "فكلمات الله" المنـزلة هي حقائق الابتلاء، ومعاني التكليف التعبدي بهذا الدين، في العقائد والعبادات والتصرفات؛ ومن هنا كانت مقتضياتها ثقيلة: (إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً!)(المزمل:5) وعلى هذا جاء قول الله تعالى في محكم كتابه: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ. قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ!)(البقرة: 124)، وقوله سبحانه: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(البقرة: 37). فقد كانت الكلمات التي تلقاها إبراهيم - عليه السلام - هي الابتلاءات الإيمانية التي امتُحن بها وكان من الفائزين الكُمَّل! كما كانت الكلمات التي تلقاها آدم عليه السلام هي عبارات التوبة وحقائقها الوجدانية؛ فكان من المسارعين إلى ربه تائبا إليه منيبا! ومن هنا كان القرآن كله "كلمات" أي آيات للعمل والتطبيق، وحقائق للابتلاء والتكليف! لا مجرد كلام للقص أو التأريخ! بل هو عمل وامتحان! والناس إزاءه بين مُتِمٍّ لكلماته أو مُقَارِبٍ أو خَائِنٍ! إذ كل كلمة من كلمات الله إنما تُتَلَقَّى رسالتُها من هذا القرآن، من خلال الدخول في ابتلاءاتها تخلقا وتحققا. ولا يتم ذلك للنفس إلا بمكابدة ومجاهدة! ومن هنا ثقل الابتلاء التربوي بهذا القرآن! وقد كابد الرسول - صلى الله عليه وسلم - تلقي القرآن خلال ثلاث وعشرين سنة! وكابد معه أصحابه - رضوان الله عليهم - مكابدة؛ حتى تحققوا من "مَعِيَّتِهِ الإيمانية" - صلى الله عليه وسلم - خُلُقاً ربانيا رفيعا! وبهذه السيماء مدحهم الله تعالى وأثنى عليهم في القرآن، فقال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ!)(الفتح: 29) فلم يكن القرآن في حياة الرسول وصحبه مجرد مرجع قانوني، ولا مجرد توثيق للأخبار والحقائق التاريخية، ولا مجرد قص لإشباع فضول المعرفة البشرية! كلا! كلا! بل كان كتابَ الله الكامل الشامل، الحامل رسالاته إلى الناس أجمعين؛ ابتلاءً لهم بحقائقها قولا وعملا، ومنهاجَ حياة يسلكونه في الأرض، على مستوى كل نفس في نفسها خاصة، وعلى مستوى الاجتماع العمراني البشري عامة، على سبيل التعبد، توحيدا وتفريدا لله الواحد القهار! ودون ذلك ما دونه من ثقل الأمانة وشدة وقعها على النفس! ومن ثَمَّ لم يكن من السهل على الإنسان أن يتلقى رسالات هذا القرآن جملة واحدة! بل كان من رحمة الله بالعباد أن نزَّله عليهم عبر رسالات تترى، الواحدة تلو الأخرى، آيات آيات. (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنـزِيلاً!)(الإسراء: 106) (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً!)(الفرقان: 32) وذلك حتى يكون لكل كلمة أثرها الفعلي في الأرض، على مستوى الممارسة البشرية والتنفيذ التعبدي! وهو معنى "الكلمات". فمن استجاب لابتلائها كانت له صِفَةً وخُلُقاً، ومن خانها لم يكن منها ولا كانت منه في شيء! وعلى هذا المعنى جاء قولُ عائشة - رضي الله عنها - في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كانَ خُلُقُهُ القرآن!)( ). وبذلك المنهاج الرباني العظيم تم بناء المجتمع الإسلامي الأول، على عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ذلك هو القرآن وتلك هي كلماته! ومن رام الاشتغال بدعوته خارج هذه الحقيقة المنهاجية العظمى فقد رام المحال! - رابعا: البيان العام بعد عرض كلمات المجلس للتلاوة والتدبر، نورد خلاصة تفسيرية تحت عنوان: "البيان العام". والمقصود بالبيان العام ههنا: عرض خلاصة ما قاله المفسرون في الآيات موضوع الدرس، وما مَنَّ الله به إزاءها من معان. وذلك بمنهج يرمي إلى التلخيص والتيسير، دون الإغراق في الجدل الكلامي أو الاستطراد اللغوي أو التفريع الفقهي، إلا ما دعت إليه ضرورة البيان؛ إذ الهدف إنما هو تلقي الحقائق الإيمانية والرسالات القرآنية قصد تيسير العمل بها. - خامسا: الْهُدَى المنهاجي إذا تم ذلك انتقلنا إلى عرض ما يسر الله تَلَقِّيهِ من الْهُدَى الوارد في تلك الآيات. وذلك من خلال تخصيص فقرة من تصميم الدراسة تحت عنوان: "الْهُدَى المنهاجي" على حد تعبير أستاذنا العلامة الدكتور الشاهد البوشيخي( ). والمقصود بالهدى المنهاجي: هو ما تحصل للقلب من الكلمات المتلوة أعلاه - بعد التدبر - من رسالات منهاجية، توضح خطوات السير القلبي إلى الله دينا ودعوة، تعرفا إليه وتعريفا به تعالى، وتبين مسلك بناء الشخصية الإسلامية في كل ما يلزمها من معانٍ تعبدية وعمرانية، مما جاء هذا القرآن لبنائه في الإنسان فردا وجماعةً، في طريق إخراج الأمة المسلمة. ومن هنا فإننا نعمد إلى تقسيم حقائق "الهدى المنهاجي" إلى مجموعة من "الرسالات"، نعرضها الواحدة تلو الآخرى تحت عناوين مستقلة؛ تيسيرا أيضا لتلقي أحكامها وحِكَمِهَا. فكل رسالة تشكل في نفسها ابتلاء عمليا، أو خطوة إيمانية من خطوات إصلاح النفس، ومدرجا من مدارج الترقي بمعارج القرآن، سيرا إلى الله تعالى رَغَباً ورَهَباً( ). - سادسا: مَسْلَكُ التَّخَلُّق ثم نُعَرِّجُ في آخر كل مجلس على بيان المسلك العملي للدخول في تلك الحقائق الإيمانية جميعا، والمنهاج التطبيقي الميسر الذي يُمَكِّنُ القلب من التخلق بما تلَقَّى من رسالات الهدى. فجعلنا ذلك بعد - عرض "الرسالات" - في فقرة خاصة، تحت عنوان: "مَسْلَك التخلق". وهكذا نمضي حتى نهاية السورة. - سابعا: خاتمة حتى إذا كان المجلس الخاتم جعلنا بعده مباشرة "خاتمة"، ترجع على أهم حقائق السورة المدروسة بالتذكير، مع النظر في علاقتها بالنفس تحقيقا وتقويما. تعليقات أعضاء المجلس: أما بالنسبة للإخوة أعضاء مجالس القرآن، فلهم عند كل مجلس أن يقوموا – مشكورين - بالمشاركة في مدارسة النص القرآني المعروض للتدارس بورقة ذلك المجلس، وذلك بالتركيز على فقرة "رسالات الهدى المنهاجي" ثم "مسلك التخلق". على ما شرحنا بهذه الورقة أعلاه. سواء كان ذلك بالإضافة، أو الشرح، أو النقد أو التقويم... إلخ وإنما الشرط هو مراعاة هدف التلقي لحقائق تلك الآيات على المستوى الإيماني والخلقي. ودون الانزلاق إلى متاهات الجدل العقيم، والعلم الذي ليس تحته عمل! ورسالات الهدى من كتاب الله لا حصر لها؛ فلعل الله أن يكشف لبعض إخواننا ما لم يكشفه لنا ولا لغيرنا! وبهذا وذاك نرجو أن يتم للمؤمن " تَلَقِّي" حقائق القرآن فعلاً. إذ التلقي للآيات هو غير التلاوة التبركية العامة، بل هو أعمق من ذلك! إنه تفاعل وجداني مع حقائقها الإيمانية، ودخول فعلي تحت ابتلاءاتها الربانية! بما يُخْضِعُ النفسَ لمشارطها ومقارضها تشذيبا وتهذيبا! فهي بذلك إذن تَخضع لعمليات جراحية روحية، تستأصل زوائد الأمراض وخبائثها من أعماق القلب؛ تخليصا له من أهوائه الضالة وعاداته الفاسدة! عسى أن يخرج بذلك عن داعية هواه، فيكون عبدا خالصا لله! ومن هنا فمَنْ تحقق بتلقي كلمات الله من القرآن؛ فقد تحقق بأهم مفتاح من مفاتح القرآن! وإنما يُنال ذلك كله بشرطين، أولهما: الصبر على المكابدة، وثانيهما: إخلاص قصد السير إلى الله! وإنه ليسير على من يسره الله له وأكرمه بِهُدَاه! (ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ!)(الحديد: 21). (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ!)(البقرة: 286) اللَّهُمَّ مغفرتُك أوسعُ من ذنوبي، ورحمتُك أَرْجَى عندي من عملي! وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: ورقة في منهج التدارس لكتاب الله في المنتدى. الجمعة سبتمبر 18, 2009 3:48 pm | |
| مشكووووورة على الموضوع الرائع |
|