دقائق تتبعها ساعات وأيام تتبعها أعوام .. عجباً لتسارع الليالي والأيام .. ها هو شهر رمضان قد شمّر عن الساق ، وآذن بالانطلاق ، قوضت خيامه ، وتصرمت أيامه ، وأزف رحيله ،، كنا بالأمس نتلقى التهاني بقدومه ، ونسأل الله بلوغه ، واليوم نتلقى التعازي برحيله ،ونسأل الله قبوله . نعم .. لقد مضى هذا الشهر الكريم ، وقد أحسن فيه أناس وأساء آخرون ، وهو شاهد علينا أو لنا بما أودعناه من أعمال .. شاهد للمشمرين بصيامهم وقيامهم وبرهم وإحسانهم ،، وعلى المقصرين بغفلتهم وإعراضهم وشحهم وعصيانهم ،، ولا ندري والله هل سندركه مرة أخرى ، أم سيحول بيننا وبينه هادم اللذات ومفرق الجماعات .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
وداعاَ رمضان .. نعم .. ها هو رمضان قد همّ بالارتحال .. فهل أخلصنا الأقوال فيما مضى منه وهل أحسنا الأعمال .. نودع رمضان وفي القلب غصة ، وفي العين دمعة وفي النفس رجاء بان نكون من عواده .. أيُّ شـهــرٍ قــد تـولّـى يـا عــبـــاد الله عـنــا حــق أن نبكـي عـلـيــه بدمــاءٍ لـو عـقـلـنــا ثـم لا نـعـلـــم أنـا قـد قـبـلـنـــا أم حـرمـنـــا ليت شعري من هو المحروم والمطرود منا كيـف لا نـبـكــي لشهــرٍ مـرّ بالغـفـلـة عنـا
096:أخوتي أيها الصائمون القائمون القارئون للقرآن 096: انتهى شهر الصيام والقيام والقرآن والبر والجود والإحسان ،، ولكن .. ماذا عن حالنا بعد شهر رمضان ؟! ماذا عن آثار الصيام التي عملها في نفوس الصائمين ؟! لننظر في حالنا ولنتأمل في واقع أنفسنا ومجتمعنا و أمتنا ولنقارن بين حالنا قبل رمضان وبعده ,، هل ملأت التقوى قلوبنا ؟! هل أصلحنا من أنفسنا ليصلح لنا مجتمعنا ؟! هل أخلصنا أعمالنا ؟! هل تحسنت أخلاقنا ؟! هل استقام سلوكنا ؟!
أخي الصائم القائم : يا من وفق للاجتهاد بالعمل الصالح في هذا الشهر : ها قد انقضى الشهر ، فهل تذكر ألم الجوع والعطش من فقد الطعام ؟ أم هل أجهدك القيام ؟ لقد ذهب التعب والنصب وثبت الأجر إن شاء الله . أخي الصائم القائم : كنت من أول الشهر تقوم لله وتسجد ، تقرأ وتصلي وتذكر، وغيرك لم ينفك عن التعب ، فقد قام لكن لهواه ،واجتهد لكن في تحصيل دنياه ، أضاع ليله ونهاره حتى ذهب عنه الشهر ولا أجر، بل هو الوزر وبئس ما فعل ، كل الناس يغدو فبائع نفسها فمعتقها أو موبقها .
ألا أيها المقصر ، وكلنا كذلك، ويا أيها المفرط وكلنا كذلك : أين مقلتك الباكية ؟ أين دمعتك الجارية ؟ أين زفرتك الرائحة والغادية ؟
أخي : لأي يوم أخرت توبتك ، ولأي يوم ادخرت عدتك ؟ دونك هذه الليالي والأيام الباقية من عمرك فقد تكون آخر ليال لك في حياتك ، اغتنمها واجعلها هي البداية والنهاية، ولا تأس على ما فات في الليالي الخوالي، فالأعمال بالخواتيم . أخي: لئن انتهى صيام رمضان ، فهناك صيام النوافل كالست من شوال والإثنين والخميس والأيام البيض وعاشورا وعرفة وغيرها ، ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ) ، وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان .. بل هي كل وقت . وهكذا فالأعمال في كل وقت وكل زمان .. فاجتهد في الطاعات .. وإياك والكسل والفتور . الله الله بالاستقامة والثبات على الدين في كل حين .. قال الله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
:0122:أخي الفاضل .. أختي الفاضلة :0122: إن للمداومة على الأعمال الصالحة ثماراً عظيمة .. منها : - أن العمل المداوم عليه محبوب لله في الحديث : أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل - أنها سبب لمحبة الله . كما في الحديث : ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه - أنها سبب لطهارة القلب من النفاق . لأن المنافق تثقل عليه العبادة والطاعة ولا يستطيع أن يستمر بها . ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) . - أنها سبب للنجاة من الشدائد كما في الحديث : تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة - أن فيها دوام اتصال القلب بالله وهذا يزيد القلب قوة وثباتا ونشاطاً وتوكلاُ وتعلقاً بالله - أنها ترويض للنفس على الطاعة ولهذا قيل : نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية
أيها المسلمون: يا خسارة من لم يغفر له في رمضان ، ويا خيبة من حرم من العتق من النيران ، ويا أسف على من فاته فيض الرحيم الرحمن .
إخوتي : وهكذا أسرعت أيام الفضل والبر والخير والطاعة .. فوداعاً يا شهراً بالشوق قد استقبلناه وبالحب عشناه وبالدمع ودعناه .. فيـا عـين جــودي بالدمـع من أسف على فـراق ليــال ذات أنــــوار على لـيـــالٍ بشهـر الصـوم مـا جعـلـــــت إلا لتمحيــص آثـام وأوزار مــا كان أحسننــا والشمــل مجتمــع منا المصلـي ومنـا القانـت القــاري فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموا ما قد بقى من فضل أعمارِ