>>>>>مقدمة في الظروف التاريخية لاضطهاد المرأة
أن قضايا تحرر المرأة ومساهمتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ونيلها حقوقها كاملة تعتبر جزء من قضايا المجتمع المعين بأكمله, وتتأثر بطبيعة النظام الاقتصادي- الاجتماعي وبنوع العلاقات السائدة في ذلك المجتمع. وبألقاء نظرة على أوضاع المرأة في مختلف التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية, عبر التاريخ بأعتبارها جزء من القوى العاملة في تلك المجتمعات, نجد ان دورها في المجتمع العبودي والاقطاعي اقتصر على العمل الرعوي والزراعي واعتبرت عنصرا تابعا للرجل من الناحية الاقتصادية وذلك في اطار أساليب الانتاج التي كانت قائمة انذاك والتي اتسمت بأنخفاض انتاجية العمل. ان انتقال المجتمعات الى المرحلة الرأسمالية عبر الثورة الصناعية التي قادت الى توفير فرص عمل أكبر واستخدام أكثر لليد العاملة, ساعد على ولوج المرأة لمجالات العمل المختلفة. اضافة الى ذلك فقد أدى سيادة علاقات الانتاج الرأسمالية وانهيار علاقات الانتاج الاقطاعية الى احداث تغيير اساسي في القيم والتفاليد واشكال أنماط العيش التي كانت مسيطرة خلال المرحلة الاقطاعية وترافق مع هذا التغيير تحرر نسبي للمرأة ساعد على زيادة مشاركتها للرجل في النشاط الانتاجي. واثناء الثورة الفرنسية الكبرى 1789 جرت المحاولة الاولى للاعتراف بحقوق المرأة السياسية والمدنية ومساواتها بالرجل لكن الثورة الفرنسية البرجوازية لم تستطع أن تطرح قضية المرأة طرحا صحيحا وجذريا بحكم الطبيعة الاستغلالية لنظام علاقات الانتاج الرأسمالية السائدة. ورغم كل الجهود الدولية المبذولة من أجل الغاء التمييز ضد المرأة كالمؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة واصدار الوثائق والاتفاقيات الدولية التي تنتصر لحقوق الانسان والمرأة, كالاعلان العالمي لحقوق الانسان , ولائحة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. الا أن المرأة لاتزال تعاني التمييز والعنف في أماكن عديدة من العالم واقرب شاهد على ذلك اغتيال وزيرة خارجية السويد السيدة ليندا وفي بلد الديمقراطية والامان فقد استهدفت من بين كل السياسين في البلد. أما على صعيد بلدنا قأذا كانت حقوق المرأة منتقصة في ظروف سابقة فقد أصبحت في الحضيض في ظل الدكتاتورية البائدة. لقد أصبحت المرأة تفاسي الذل اليومي في مجالات عديدة لدرجة تدنت فيه مطالبها الى رغيف خبز أوعلبة دواء وشيئ من الامن. وبالتأكيد ان مطالب المرأة العراقية ستجدد مع مولد عراق جديد بمؤسساته المجتمعية التي ستعمل بالتأكيد على تنظيم حركة المجتمع واعادة بنائه واصلاح الخراب الذي حل بنفوس الرجال والنساء. وهناك مخاوف لدى بعض المتابعات والباحثات من ان تضيع قضية النساء بين الاولويات التي ستتراكم أمام ذوي القرار. خصوصا ان هناك واقع يغذي هذه المخاوف. هذا الواقع يعود الى سنوات الحروب والعقوبات الدولية وقبل ذلك ذهنية النظام البائد التي أعلت الاعراف البدائية في التعامل مع المرأة وكرست دونيتها في المجتمع. ان تركة النظام الثقيلة هذه تجعل عملية اعادة التأهيل أو اعادة البناء من أعقد القضايا التي سيواجهها المجتمع.
دور المرأة في عملية التنمية
بما ان قضية المرأة لايمكن ان تبحث بصورة مجردة وبمعزل عن قضايا المجتمع ككل, بأعتبار ان قضية المراة هي جزء من قضايا المجتمع, فأن النهوض بالمرأة العراقية لايمكن ان يتم الا في اطار مشروع تنموي وطني متكامل يضمن المساواة والعدالة الاجتماعية مما يؤمن التوضيف الامثل للموارد البشرية. هنا يمكن أن تثار مجموعة من الاسئلة .. مالمقصود بالتنمية ولماذا هذه الاهمية لدور المرأة فيها, وماهي الظروف والمعوقات التي تحول دون مشاركة المرأة فيها بفعالية..
عملية التنمية هي عملية تحول ارادية شاملة لكل مظاهر الحياة فيه اقتصادية- اجتماعية- ثقافية- سياسية, ومن أجل تحرر الشعب من التخلف ومايرتبط به من تبعية, ومن أجل تحقيق مستوى معيشي متقدم للمواطن. يقول نادر فر جاني( نحن نفضل لفظة التنمية بدون اوصاف , فالتنمية عندنا مرادف للنهضة).*
تقوم التنمية في جوهرها على المواطن, فهو صانع التنمية وغايتها ومن هنا تتأتى ضرورة اتاحة الفرصة لمشاركة جماهيرية واسعة من أجل النضال ضد الهيمنة الرأسمالية, لكن المشاركة الجماهيرية تشترط أجواء من الحريات والديمقراطية, وعلى هذا الاساس يمكن فهم التناقض الجوهري بين الهيمنة الرأسمالية والتنمية كما يمكن فهم الترابط العضوي بين التنمية والديمقراطية.لذا يصبح النضال من أجل استعادة السيادة الوطنية وتحقيق البديل الديمقراطي المهمة الاساسية في نضال شعبنا وقواه السياسية لتحقيق التقدم الاجتماعي. ويندرج ضمن مفهوم مشاركة المرأة في التنمية مسائل عديدة منها مساهمتها في قوة العمل..مساهمتها السياسية.. تعليم المرأة ومسألة أميتها.. القواعد والقوانين الناظمة للحياة الاجتماعية.. الوعي الاجتماعي من عادات وتقاليد واعراف وانماط سلوكية .. الاسرة وقضاياها الخ. وساكتفي بتناول بعض المسائل دون الدخول في التفاصيل..
مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية
ان تحرر المرأة هو قبل كل شيئ تحررها على الصعيد الاقتصادي بأعتباره مدخلا يسمح لها بحرية الاختيار الذي يجب أن تضمنه قوانين وتشريعات تسمح لها بأن تحيا حياة مختلفة نوعيا,وان تحقق ذاتها.
ان عمل المرأة ضرورة وطنية لان حرمان نصف المجتمع من العمل وبالتالي جعلها غير منتجة ومستهلكة فقط معناه شل الاقتصاد الوطني وعرقلة نموه. لكن الاقرار بحق المرأة بالعمل ومطالبتها به لايكفي تؤمن لها التسهيلات وازالة العوامل المعرقلة لعملها من قبل الدولة والجهات الفاعلة بالدرجة الاولى. وينبغي لنا ان نعلم اولا ان التنمية الاقتصادية لكي تتم لابد من حل مشكلة البطالة والتخفيف من وطأة الاجراءات والاصلاح من كاهل محدودي الدخل سواء رجل أو امرأة لايجاد فرص عمل جديدة دائمة. ويمكن الاشارة هنا الى جملة من الاجراءات المقترحة( ورد بعضها في استراتيجية المرأة لعام 2000 ), التي من شأنها ان تضمن مساهمة المراة في قوة العمل وهي..
1- اعتماد وتنفيذ قوانين لمكافحة التمييز القائم على اساس الجنس والسن والعرق والدين) في سوق العمل وفي التعيين والترقية وفي منح مكاسب العمل والضمان الاجتماعي وفي ظروف العمل.
2- الاخذ بمبدأ التخطيط بابعاده القصيرة والمتوسطة والبعيدة والعمل على تلبية الحاجات الاساسية للمرأة في الغذاء والتعليم والصحة والمسكن والملبس والضمان الاجتماعي ,قضلا عن ايلاء المرأة مكانتها على قدم المساوات مع الرجل في كل هذه القطاعات للنهوض بالمرأةوالاسرة. 3- انشاء أجهزة متخصصة على مستوى الوطن لمتابعة موضوع ادماج المرأة بالتنمية وللقيام بأبحاث لاختيار الاساليب التي من خلالها يمكن وضع برامج انمائية تدعم مشاركة المرأة في مجالات التنمية المتعددة. 4- اعادة النظر في النظام التعليمي في جميع مراحله في اطار النظر الى وضع المرأة فيه بحيث يتم ربط مضامينه بالتنمية, بأعتبار التعليم هو المصدر الذي يلبي احتياجات المجتمع من القوى العاملة المؤهلة في مجالات العمل المختلفة. 5- استحداث اجراءات تهدف تشجيع المرأة للاقبال على التعليم المهني والتقني فعن طريقهما مايمكن رفع نسبة مساهمة المرأة في حجم القوى العاملة وبالتالي زيادة قدرات المجتمع على الانتاج والتقدم.**
6- تخليص المرأة من الجهل بمحو أميتها من خلال التنسيق بين الجهد الرسمي والاهلي والعمل على سد منابع الامية بتطبيق التعليم المجاني الالزامي للجنسين معا حتى المرحلة المتوسطة على الاقل تطبيقا شاملا يمنع التسرب الذي حصل في ظروف سابقة ومن خلال تدابير محو الامية يمكن مع الزمن القضاء على الامية التي هي من أهم معوقات التقدم الاجتماعي بكل أبعاده. 7- السعي الى ايجاد معرفة اكقر شمولا عن العمل والتوظيف من خلال بذل جهود من جملتها قياس العمل غير المأجور وزيادة تفهم أنواعه ونطاقاته وتوزيعه ولاسيما العمل المتعلق برعاية الاطفال والمسنين والمعاقين داخل الاسرة والعمل الحرفي اليدوي داخل المنزل والعمل غير المأجور لخدمة مزارع الاسرة أو أعمالها التجارية وتشجيع نشر المعلومات المتعلقة بالدراسات والتجارب الداخلة في هذا الميدان بما فيها وضع أساليب لتقدير فيمتها على أن تدخل في حسابات القطاع المنتج, فأن هذه الاعمال بالرغم من انها تفوق عمل الرجل ولكنها أعمال لامقابل اقتصادي لها اذ اعتبرت هذه الاعمال امتدادا للامومة البيولوجية. 8-اقرار سياسة اعلامية تسعى لاحداث تغيرات في الوعي الاجتماعي عند الجنسين باهمية مشاركة المرأة في العمل وابراز الجوانب الايجابية لشخصية المرأة وتجسيد اسهاماتها في ميادين التنمية المستدامة. 9- ضرورة تطوير أوضاع المرأة الريفية من خلال منح القروض للنساء للمشاركة في المشروعات بدون تفرقة وهذا أمام الكثير من العراقيل لايحدث وبالتالي على المسؤولين عن منح القروض على زيادة دعم المرأة في فتح مشروعات جماعية للمرأة مثل الرجل . 10 - تامين حق النساء في التنظيم المهني والنقابي والنسوي مع الاهتمام بالتنظيمات الاهلية النسوية باعتبارها تنظيمات مطلوبة لانجاح عملية مشاركة المرأة في مشروعات التنمية وادماجها في عملية الانتاج المجتمعي. 11-توفير الخدمات المساعدة للمرأة كتوفير المؤسسات التربوية التي تشارك الاسرة في رعاية الاطفال وتربيتهم وتحسين الخدمات فيها, وتوفير الادوات المنزلية الحديثة باسعار مناسبة وايجاد فروع اقتصادية جديدة للانتاج الاجتماعي تؤدي الى اقتصار العمل اللازم في المنزل .
12-التأكيد على حق الاسرة في تنظيم الانجاب لما له من عوائد ايجابية على المرأة والاسرة على اساس حرية الاختيار كباقي الحقوق.
13-تقديم الحوافز والتسهيلات المادية والمعنوية لعودة المهجرات والمهاجرات الى الوطن وزجهن في عملية التنمية.
14- تبادل التجارب والخبرات الوطنية والدولية بهدف الاستفادة من الخبرات الناجحة لبعض الدول.
15- أخيرا أشير الى قضية مهمة هي دائرة المسكوت عنهاوهي ضرورة سن وانفاذ القوانين ضد التحرش الجنسي وغيره من أشكال التحرش ومايرافقهما من عنف ضد المرأة في جميع أماكن العمل.
فما رأيك في مشاركة المرأه في السياسه؟